samedi 5 février 2011

هل الصحراء الجزائرية وثرواتها تدخل ضمن المجال الحيوي الإسرائيلي في إفريقيا ؟





العناصر:
1.               الثروات المختزنة في الصحراء الجزائرية والحديث عن أطماع الشبكة الإسرائيلية المتمددة في إفريقيا.
2.               استحضار حقائق حول النظرة الإسرائيلية إلى الصحراء الجزائرية.
3.               الثابت والمتغير في الطموح الإسرائيلي في الصحراء الجزائرية.
4.               التموضع في غرب إفريقيا وتهديد الجزائر وتهديد منطقة الصحراء
5.               الخلاصة.

هل الصحراء الجزائرية وثرواتها تدخل
ضمن المجال الحيوي الإسرائيلي في إفريقيا؟

قد يبدو الحديث عن أطماع إسرائيلية في الصحراء الجزائرية بما تزخر به من ثروات النفط والغاز الطبيعي والحديد الخام واليورانيوم والرصاص والزنك والذهب خارج سياق التوقع بل والتحليل الموضوعي المؤسس على حقائق ووقائع بعيدة عن التخيل والتصور.
التحليل العلمي لمعطيات الجزائر يؤكد أنّ الجزائر خارج دائرة الاستهداف الإسرائيلي المقنّع خلف شركات متعددة الجنسيات، أو الشبكة الإسرائيلية التي نخرت كالسوس في جسد دول إفريقية عديدة غينيا وغانا وجمهورية الكونجو الديمقراطية وجمهورية إفريقيا الوسطى وأوغندا وإثيوبيا.
الأطروحات التي تناولت أو عقدت مقاربة بين معطيات الوضع الجزائري ومعطيات الدول الإفريقية التي اخترقت من قبل إسرائيل بشكل مفصلي، وضعت محددات الاختلاف والتباين بين الجزائر المستهدفة بمخطط التمدد وعلى الأخص الصحراء الجزائرية انطلاقا من التخوم من مالي أو النيجر أو تشاد وعلى النحو التالي:

1.     الجزائر دولة كبرى تنهج سياسة مناوئة لإسرائيل باعتبارها كيانا مقحما عنوة على المنطقة العربية من قبل نفس القوى التي استعمرت الجزائر، هذه السياسة تجسدت في مشاركة الجيش الجزائري في معارك العرب ضد إسرائيل حرب الاستنزاف 1968 و1970 ثم في حرب 1973.

2.     الجزائر تمتلك جيش وطني صاحب تراث ثوري ونضالي غير قابل للاختراق على غرار الأنماط الإسرائيلية التي طبّقت لاختراق عدة مؤسسات عسكرية في إفريقيا في المرحلة الأولى مرحلة أواخر الخمسينات والستينات والسبعينات ثم المرحلة الحالية اختراق عدة جيوش غانا وإثيوبيا وأوغندا وجمهورية إفريقيا الوسطى وجمهورية الكونجو برازافيل وحتى نيجيريا.

3.     من العوامل الإضافية لعداء الجزائر لإسرائيل تحالف هذه الأخيرة مع فرنسا أثناء الحرب التحريرية لجزائرية ومعارضتها وبشدة لاستقلال الجزائر حتى انتهى بها الأمر إلى دعم الجيش السري الفرنسي الذي انقلب على الجنرال (ديغول) لأنّه سلّم بحتمية انتصار الثورة الجزائرية.
-    إسرائيل مازالت ترصد أية حركة في الجزائر لتسارع إلى تأليب الغرب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تارة لتعاظم القدرة العسكرية الجزائرية التقليدية، وطورا آخرا لتطوير برنامج نووي ظاهره سلمي وجوهره وغايته عسكري.

هذه المواقف تؤكد بأنّ الجزائر على وعي بالأخطار الكامنة في وجود إسرائيل عموما وفي تموضعها وتمددها في إفريقيا.

استحضار حقائق حول النظرة الإسرائيلية
 إلى الصحراء الجزائرية.

كان إدراك إسرائيل لأهمية الصحراء الجزائرية إستراتيجيا أو اقتصاديا في أواخر الستينات وقبل الاستقلال عام 1962 أهم دوافعها لتحريض فرنسا على عدم الانسحاب من الجزائر بشكل عام ومن الصحراء على وجه الخصوص.
الذي قاد حملة التحريض هذه الجنرال (موشي ديان) الذي كان يتولى رئاسة الأركان وقاد الحملة العسكرية على مصر (حملة سيناء 1956) بالتنسيق مع فرنسا وبريطانيا انتقاما من نظام عبد الناصر، وانتقاما من عبد الناصر لدعمه الثورة الجزائرية.
(ديان) زار الصحراء الجزائرية بالتنسيق مع القيادات العسكرية الفرنسية في أواخر الخمسينات وتفقد عدّة مناطق، وفي مرات أخرى جاء مع (شمعون بيريز) مدير عام وزارة الدفاع للإطلاع على سلسلة تجارب على أسلحة إسرائيل مثل:
-       تجارب على سلسلة صواريخ "لوز" التي تطورت بعد ذلك إلى صواريخ "أريحا" وهي من تصميم فرنسي.
-  تجارب على رأس نووي أنتج في مفاعل ديمونا لاختبار قدرته التدميرية في الصحراء الجزائرية لتبقى هذه التجارب خارج متناول المعرفة والإشهار من قبل وسائل لإعلام.
أيّة مراجعة لأدبيات أمنية إسرائيلية وعلى الأخص (موني مريدور) رئيس سلطة تطوير القتال في إسرائيل "رفائيل" الصادر في 1985 لا يسعه إلا أن يصاب بالذهول والانشداه إزاء حقائق تتعلق بالتعاون الفرنسي الإسرائيلي في تحويل الصحراء الجزائرية إلى حقل تجارب لأسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية.
كما يلاحظ الاهتمام الإسرائيلي بالصحراء الجزائرية تركز وتمحور في تلك الحقبة على الأهمية الإستراتيجية للصحراء الجزائرية لأنّ أهميتها الجيواقتصادية كانت ما تزال غير مكتشفة.
لكن اهتمام إسرائيل بالصحراء الجزائرية لم ينته بمجرد انتهاء الوجود الاستعماري الفرنسي في الجزائر بعد التحرير.
فهناك الكثير من وثائق وزارتي الخارجية والدفاع الإسرائيلية التي تعاطت مع مرحلة الاجتياح الإسرائيلي لإفريقيا أواخر الخمسينات والستينات التي تحدثت عن ضرورة مواصلة الجهد للوصول إلى الصحراء الجزائرية ولو كان على تخومها من خلال توظيف الوجود الأمني والاقتصادي والسياسي الإسرائيلي في دول إفريقيا ليست بعيدة نيجيريا السنغال ساحل العاج وتشاد.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق (دافيد بن جوريون) كلّف مستشاره لشؤون شمال إفريقيا (أندريه شوراكي) بوضع خطة للوصول إلى الجزائر وعلى الأخص الصحراء، لأنّ التجارب الإسرائيلية على الأسلحة الإسرائيلية في الصحراء الجزائرية تمّت في عهده حيث كان يتولى رئاسة الوزراء ووزارة الدفاع في آن واحد حتى عام 1963.

الثابت والمتغير في الطموح الإسرائيلي
في الصحراء الجزائرية

من الأمور الجديرة بالتأمل وكذلك بالاهتمام أنّ جهود إسرائيل لاستهداف الجزائر لم تتوقف، فقد وجدت المؤسسة الحاكمة في إسرائيل في حرب الصحراء الغربية بين جبهة البوليساريو والمغرب ضالتها المنشودة، وتجلى ذلك بل وتجسد في دعم المغرب في هذه الحرب عن طريق إمداده بالأسلحة والخبرة القتالية والمستشارين العسكريين.
وبقراءة العديد من التقارير التي نشرتها مجلة "مونيتين" الأسبوعية في عامي 1985 و1986 يتضح أن أهداف إسرائيل من وراء دعم المغرب هو استنزاف القدرة العسكرية الجزائرية وبالتالي إضعاف الجزائر وصولا إلى الهدف الإسرائيلي المنشود "الصحراء الجزائرية".
ويكشف السفير الإسرائيلي السابق في العاصمة الموريتانية (بوعز بيسميث) عن أنّ إسرائيل عوّلت كثيرا على حرب الصحراء وكذلك على إقامة علاقات مع موريتانيا لاستهداف الجزائر بمجموعة من الخيارات.

التموضع في غرب إفريقيا وتهديد الجزائر
 وتهديد منطقة الصحراء

في الحديث الإسرائيلي عن توافر الخيارات والمعطيات للوصول إلى الحدود الجزائرية والتموضع على تخومها جرى التأكيد من قبل (شالوم كوهين) السفير الإسرائيلي السابق في مصر والذي شغل قبل ذلك منصب مسؤول مكتب رعاية المصالح في تونس ويعمل في شعبة شمال إفريقيا في وزارة الخارجية الإسرائيلية جرى التأكيد على ما يلي:

1. تبني إستراتيجية إسرائيلية جديدة في إفريقيا أولى أهدافها ومهامها التموضع في العمق الإفريقي وعلى الأخص في ثلاث مناطق هامة في إفريقيا:

*شرق إفريقيا.
*منطقة أعالي حوض النيل والبحيرات العظمى.
*منطقة غرب إفريقيا.
بالنسبة للمنطقة الأولى برهنت زيارة (أفيجدور ليبرمان) في شهر سبتمبر من عام 2009 لكل من إثيوبيا وأوغندا وكينيا ونيجيريا وغانا على تمركز وتموضع أمني وسياسي واقتصادي إسرائيلي في هذه المنطقة ترتقي إلى مستوى التحالف.
بالنسبة لمنطقة البحيرات العظمى عززت إسرائيل من وجودها الأمني السلاح والمستشارين وتجار السلاح ورجالات الأعمال وعلى الأخص في الكونجو الديمقراطية والكونجو برازافيل وفي بوروندي ورواندا وفي تنزانيا.
بالنسبة لمنطقة غرب إفريقيا تعزز التموضع الإسرائيلي العسكري والسياسي والاقتصادي في غينيا وغانا وساحل العاج والسنغال وفي الكاميرون وتوجو ونيجيريا وأنجولا.
بصفة عامة أنّ ما تحقق لإسرائيل في غرب إفريقيا عن طريقة شبكة الحراك الإسرائيلي في إفريقيا يشكل تهديدا لعدة دول عربية وعلى الأخص الجماهيرية الليبية والجزائر بل وموريتانيا بعد أن قطعت علاقاتها مع إسرائيل.

1. مراحل جديدة في إستراتيجية التمدد الإسرائيلي تشمل مالي وتشاد والنيجر، بحسب المعطيات المؤكدة عن برامج ومخططات الشبكة الإسرائيلية التي يقودها قادة عسكريون وقيادات سياسية واقتصادية الجنرال (يسرائيل زيف) والجنرال (ياتوم) و(تسيفي ليفني) و(إيهود أولمرت) و(شلومو بن عامي) ورجال الأعمال (بيني شتاينمتس). فإنّه وبعد الانتهاء من مرحلة التموضع في النيجر وفي تشاد ستتجه الحركة الإسرائيلية إلى مالي باعتبارها الدولة التي تربض عند البوابة الجنوبية للجزائر.

وليس من معاد القول أو التكرار أو هذه الشبكة التي تقوم بمهمة السيطرة على الثروات الإفريقية الماس وخام الحديد والنحاس والبوكسيت والمنغنيز واليورانيوم قد حققت نجاحات لا يستهان بها في 12 دولة إفريقية، وتعتبر الموقع في مالي وعلى الأخص في الشمال على الحدود الجزائرية يحقق هدفا مزدوجا.
في حالة مالي، الدوائر الإسرائيلية درست جيدا الأوضاع في شمال مالي الصراع بين الحكومة والطوارق وفي نفس الوقت توصلت إلى نتائج على ضوء دراسات لطبيعة المنطقة توافر العديد من خامات معدنية هامة مثل اليورانيوم وخام الحديد والذهب وربما النفط والغاز، وهذا بدوره عزز من الاهتمام الإسرائيلي ومن ثمة عزز من الجهود للوصول إلى مالي عبر أطراف فرنسية وشخصيات إسرائيلية تحمل الجنسية الفرنسية وتنشط في إفريقيا مثل (نسيم زويلي) سفير إسرائيل السابق في فرنسا و(بنحاس عنبر) السفير الإسرائيلي السابق في السنغال و(شالوم كوهين) السفير الإسرائيلي السابق في القاهرة.
وفي نطاق هذه الجهود وبحسب ما كشف عنه (زويلي) فإنّ إسرائيل تقيّم جيّدا احتياجات مالي لإعادة بناء جيشها لمواجهة تمرد الطوارق وإلى السلاح ثم إلى الأموال وكذلك إلى تحسن موقفها الدولي.
وأضاف: "هذه العملة النادرة لا يمتلكها سوى إسرائيل والقادة الأفارقة يعرفون ذلك".

2. الشركات الأمريكية والغربية العاملة في الصحراء الجزائرية في مجال الغاز والنفط والمجالات الأخرى، هذه الشركات تعدّ من المنظور الإسرائيلي عوامل مساعدة على التموضع على تخوم الصحراء الجزائرية، فالشبكة الإسرائيلية المناط بها مهمة التموضع والتمدد هي شركات مسجلة إمّا في الولايات المتحدة أو في سويسرا أو في فرنسا، هذا التقنيع لهويتها ثم للمسؤولين عنها حيث يحملون جنسيات أمريكية وأوروبية، بالإضافة إلى التعاون والتواصل مع هذه الشركات قد يشكّل عاملا مساعدا في الجهود للوصول إلى الصحراء الجزائرية أو التموضع بالقرب منها
أضف إلى ذلك أنّ الشركات النفطية الأمريكية والأوروبية يمتلك بارونات المال اليهود أسهما ورأس مال ضخم فيها.
-    التعاون الإستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة كعامل مساعد على التمدد من خلال القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) وقواعد الانتشار في غرب إفريقيا في مالي والسنغال وفي نيجيريا وغانا وحتى تشاد.
هذا التعاون يلزم الولايات المتحدة بتسهيل مهمة إسرائيل ليس في إفريقيا فقط بل في مناطق أخرى مثل أمريكا الجنوبية وآسيا الصغرى والقوقاز.
القيادة المركزية الأمريكية في الخليج وفّرت لإسرائيل كل الأسباب المساعدة على الانتشار البحري في البحر الأحمر في جيبوتي وعلى المحيط الهندي كينيا في مواجهة إيران.

الخلاصة:

في إطار البحث عن الإستراتيجية الإسرائيلية حيال المغرب العربي يمكننا التمييز هنا بين تعاطي هذه الإستراتيجية مع مجموعتين من دول المغرب العربي:
المجموعة الأولى: ليبيا والجزائر وموريتانيا بعد قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.
التعاطي مع هذه المجموعة بعدة خيارات أمنية استخباراتية تدخلات لإثارة صراعات داخلية أي تعاطي في إطار المواجهة.
المجموعة الثانية تضمّ المغرب وتونس
نمط التعاطي هنا يقوم على التعاون الأمني والاقتصادي وتوظيف هذا التعاون في مواجهة المجموعة الأولى.
وفي ظلّ هذه الخصوصية بالنسبة لدول المجموعة الأولى المستهدفة بالنشاط الإسرائيلي، ينبغي على هذه الدول أن تتنبه وتحتاط لمخاطر التمدد الإسرائيلي وإستراتيجية السيطرة على المقدرات والثروات في غرب إفريقيا لأنّ هذه الإستراتيجية هي عابرة للحدود.


من إعداد:الدكتور قؤاد خضر
المركز العربي للدراسات والتوثيق المعلوماتي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire