mardi 14 septembre 2010

بومدين تفاوض مع الإتحاد السوفييتي بإسم العرب خلال حربي 1967 و 1973

بومدين يتفاوض مع القيادة السوفييتية حول شراء أسلحة لصالح مصر و سوريا خلال حرب 1973
عندما وقعت هزيمة 1967 لم يصدق بومدين ما سمعه فكان يسأل عبد الناصر باستغراب ماذا حدث لجيشك يا سيادة الرئيس؟ فقال له عبد الناصر: لقد أصيب الجيش بسكتة قلبية؟ ولا يمكن أن نصف ما حدث إلا بهذا الوصف ولكن بومدين لم يهضم هذا التبرير من عبد الناصر خاصة وانه كان يعتبره مثله الأعلى وقال بومدين لأحد مساعديه في لحظة انفعال لو كنت مكان عبد الناصر ولحق بجيشي ما لحق بجيش مصر لأطلقت النار على رأسي! ولكنه طار إلى القاهرة وموسكو لترميم ما تهدم وإعادة الروح إلى مصر.
 
في مساء يوم 5 جوان 1967 اتصل جمال عبد الناصر ببومدين هاتفيا ليقول له "لم يبق عندي طائرة واحدة سليمة أرجو أن ترسل لي بعض الطائرات" فأجابه بومدين على الفور : "كل ما تملكه الجزائر سبع وأربعون طائرة حربية أرسل طيارين مصريين لاستلامها لأن الطيارين الجزائريين في بداية تدريباتهم"
وفي الغد طلب السفير الأمريكي مقابلة مع الرئيس بومدين لتبليغه رسالة من الرئيس الأمريكي، واستقبل من قبل بومدين فورا ليقول له: "كلفني الرئيس الأمريكي بأن أنقل إليكم بأن حكومته لا تنظر بعين الارتياح لإرسال الجزائر للطائرات الحربية إلى عبد الناصر" فأجاب بومدين على الفور: " أولا انتهى ذاك الزمن الذي كانت فيه أمريكا تأمر والبلدان الصغيرة تطيع، وثانيا انتهى وقت المقابلة".

بعد هزيمة 1967 إثر حرب 5 جوان، وصل بومدين إلى موسكو في حالة نفسية سيئة، وفي لقائه الأول مع القادة السوفيت في الكرملين بعد ظهر يوم 12 جوان بدأ بومدين في حديثه بأن قال لبرجنيف إنه: "يأسف لأنه طلب من سفير الجزائر في موسكو إبلاغ السلطات السوفيتية أنه لا يريد حفلات تكريم على الغذاء أو عشاء وإنما يريد أن يفهم ..." ورد عليه برجنيف قائلا أنه وزملاءه يفضلون أن يسمعوا منه أولا رؤوس المسائل التي يريد أن يتحدث فيها فانطلق بومدين يقول : " أنه ليس لديه رؤوس موضوعات وإنما لديه موضوع واحد يتمثل في سؤال يريد أن يطرحه ويريد أن يسمع جوابا قاطعا عليه ". وجاء السؤال الواحد لبومدين في قوله إنه يريد أن يعرف ما هي حدود الوفاق بينكم وبين الأمريكيين. وبدا أن الزعماء السوفيت لم يتفهموا المطلوب من السؤال بدقة استطرد بومدين يقول: "أننا نراه وفاقا من جانب واحد أنتم تتصرفون بأقصى درجات الضعف، والآخرون يتصرفون بأقصى درجات القوة". وأثناء هذه المفاوضات قال كوسيغن رئيس الوزراء السوفيتي: "إننا حاولنا أن نستجيب لطلباتكم وقدمناها لكم بأسعار مربحة، بل أنكم  
لم تسددوا حتى ربع تكاليف ما حصلتم عليه". واستبد الغضب بالرئيس بومدين  وقال له أنه كان يتخوف من مثل هذه الملاحظة، ثم أخرج صكا بمبلغ 100 مليون دولار" وكان يحتفظ به في ملف أمامه وقدمه لكوسيغن فتكهرب جو الاجتماع واقترح برجنيف رفع الجلسة لاستراحة قصيرة.

بعد هزيمة جوان 1967 ذهب الرئيس هواري بومدين والرئيس العراقي عبد الرحمن عارف في شهر جويلية إلى الاتحاد السوفياتي، وفي جلسة العمل التي انعقدت بقصر الكرملين بحضور الوفدين العربي والسوفياتي، وجه الرئيس بومدين سؤالا لبرجنيف "من طرف الذي هزم يوم 5 جوان" وعندما تردد برجنيف في الإجابة قال بومدين : "نحن هزمنا بالجملة، هزمنا جماعية نحن وانتم معنا، ولا تقل لي نحن المسؤولون، ولا أريد أن اسمع هذا الكلام، واود أن أطرح عليك فرضية أخرى لو أن إسرائيل كانت هي في موقف العرب الآن بعد المعركة، هل تعتقد أن أمريكا كانت تتصرف كما يتصرف الاتحاد السوفياتي الآن ؟ هل يتصورون أنهم سيذهبون إلى الأمم المتحدة ويخطبوا في الجمعية العامة وفي مجلس الأمن، ويشغلوا أنفسهم بصياغة قرارات، أم أنهم كانوا سيتصرفون على نحو آخر".

عند اندلاع حرب أكتوبر 1973 قام الرئيس بومدين برحلة تاريخية إلى الاتحاد السوفياتي من أجل دعم الأمة العربية في حربها مع إسرائيل وكانت رحلة تاريخية غيرت معطيات الحرب ودفعت بالسوفيات إلى الجهر بموقفهم المؤيد للعرب، ومما جاء في مفاوضات بين الطرفين نستخلص ما يأتي : 
 
بعد الترحيب ببومدين سأل برجنيف بومدين لماذا أتيت؟ فرد بومدين جئت لدعم الكفاح العربي في الشرق الأوسط وقصدتكم بالذات، لأنكم أصدقاء، ثم لكونكم تناصرون القضايا العادلة.." فأجاب برجنيف: "إذا كنت تحرص على خدمة القضية العربية، فعليك بإيقاف الحرب لأنها لا تخدم العرب ومصالحهم". حينما قال بومدين "لقد جئت إلى هنا وليس في نيتي إيقاف الحرب، وإنما دعم العرب فيها، ولتعلموا أني لا أطلب منكم الموت دفاعا عن العرب، بل أطلب فقط إمكانيات حربية تؤهلنا لدخول هذه الحرب بكل ثقة". سأل برجنيف بومدين "لكن من أين تعتزم شراء السلاح؟" وتعبيرا عن استغرابه للسؤال رفع رأسه إلى سقف قاعة الاجتماع ثم نظر إلى جدرانها وقال "أنا أتساءل هل أنا في البيت الأبيض أم في الكرملين".

وتبين من خلال المفاوضات أن هناك برودة راجعة بالأساس إلى سياسة الانفراج في العلاقات بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية، وجعلت الزعماء السوفيات لا يستجيبون لطلبات بومدين، فعلق بومدين على ساسة الانفراج هذه قائلا: "إنها سياسة انصياع وليس سياسة انفراج، وإذا واصلتم على هذا النهج مخاطبا برجنيف، فبعد 10 سنوات سيدق الأمريكان أبواب موسكو".
ومن هذا الموقف تغير مجرى المفاوضات وقرر الزعماء السوفيات دعم العرب في حربهم ضد إسرائيل، وبعد سنوات من هذه الواقعة التاريخية يتغير العالم وتحلل الاتحاد السوفياتي إلى مجموعة من الدول المستقلة، انتهى الاتحاد السوفياتي الدولة العظمى نتيجة سياساته التي عبر عنها الرئيس هواري بومدين وتنبأ بها.







Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire